أكثر الأسئلة التى طرحها على شخصى المتواضع عدد كبير من السادة القراء، والأصدقاء والمعارف، فى شوارع العاصمة أو فى المحافظات التى زرتها، هو: شغلانة معالى الناشط الثورى والسياسى إيه؟ وبيصرف منين؟ وإذا كان هؤلاء النشطاء لا يعملون ويجلسون طوال اليوم خلف «الكيبورد» يدونون «تويتات» على «تويتر»، و«بوستات» على «فيس بوك»، ويخوضون معارك ضروس مع معارضيهم والمخالفين لهم فى الرأى والتوجه، فلماذا يحظون بكل هذا الاهتمام من الكافة؟!
والإجابة عن السؤال المتشعب والمرهق لأذهان الإجماع الشعبى من ملح الأرض، يتلخص فى جملة واحدة: النشطاء «قوم» خرجوا علينا فى 25 يناير 2011، يحملون أفكارا ومعتقدات تخريبية، وتسهم بقوة على إشاعة الفوضى، وتحرض على كراهية الوطن، وقتل الانتماء والقضاء على الهوية، وتدشين الشتائم الوقحة، ونشر الشك والتسخيف والتسفيه بين الناس، وهى أفكار تعد رأس مالهم الحقيقى، فكلما نجحوا فى إثارة الفوضى والقلاقل، زاد تلقيهم لتمويلات من الخارج!
وللتأكيد على ذلك سنسرد واقعة شهيرة، بطلها راعى مرضى التثور اللإرادى، ممدوح حمزة، عندما استقدم الناشط أحمد ماهر، مؤسس حركة 6 إبريل، للعمل فى مكتبه الاستشارى الهندسى بمنطقة الدقى، وظل فى المكتب لعدة شهور مع بدء ثورة 25 يناير، وعندما تراجعت أسهم حركة 6 إبريل فى الشارع وارتفعت أسهم جماعة الإخوان وسيطرت على الحكم، طرد ممدوح حمزة كل أعضاء 6 إبريل من فيلته الكائنة بالسيدة زينب، التى خصصها لهم لعقد اجتماعاتهم التحريضية، كما طرد أحمد ماهر من مكتبه، تحت زعم أنه لا يحضر، وغير مهتم بشغله!
تصرف ممدوح حمزة يكشف بجلاء أن كل النشطاء يبحثون عن جمع المغانم فقط، دون تقديم أى عمل حقيقى، فيبحثون عن مغانم السلطة، والسفر للخارج، وتلقى التمويلات الضخمة من اليورو والدولار، تحت «بند» إلقاء محاضرات عن الحراك الثورى فى المراكز البحثية والجامعات الأمريكية والأوروبية، بجانب إعداد تقارير لعدد من المنظمات الحقوقية، مثلما فعل محمد عادل، أحد قيادات حركة 6 إبريل، الذى أعد تقارير مكتوبة ومصورة وأرسلها لجهات أجنبية خارج البلاد، متقمصا دور الناشط الثورى والحقوقى، والذراع اليمنى للمناضل خالد على.
وجدنا هؤلاء النشطاء أيضا يتحولون إلى كتبة مقالات فى الصحف، ومقدمى برامج فى القنوات الفضائية، واستغلال نشاطهم الثورى فى كتابة مقالات تافهة، لا تساوى المداد الذى كُتبت به، ويقفون أمام كاميرات القنوات الفضائية يخطبون فى الناس بكلام أجوف وساذج، ويصرخون ويسيئون للشعب المصرى ومؤسسات وطنه.
الرجل الذى يحمل فأسه على كتفه ويذهب إلى أرضه، أو الذى يحمل مفتاحا ويقف أمام ماكينات المصانع، أو العامل الذى يقف على بريمة يحفر فى الأرض لاستخراج البترول، أو عمال البناء والنظافة والسباكة، وغيرها من المهن الصعبة والشاقة، يسألون الناشط: هو حضرتك بتصرف منين؟ يعنى شغلانة المناضل أو الناشط السياسى بتدر دخلا شهريا ومن أين؟ وهل شغلانة الناشط دى على درجات، أولى وثانية وثالثة ورابعة، إلخ ؟ وهل هى أعمال كتابية أم يدوية؟
الحقيقة أن شغلانة الناشط قوامها الفوضى وتأجيج الأوضاع فى البلاد، وكلما ساهم بقوة فى تحريك المظاهرات المخربة والمدمرة، وإشعال النار، مثلما حدث فى المجمع العلمى، أو محاولة اقتحام مقرات المؤسسات الحيوية، فإنه سيحصل على المقابل السخى باليورو والدولار من الخارج.
شغلانة الناشط لا تحتاج إلى مؤهلات دراسية، أو درجات علمية بعينها، ولكن تحتاج فقط أن تكون قادرا على تنفيذ المخططات والمؤامرات، وإثارة الفوضى وإشعال الحرائق، وبث الفُرقة، ونشر الكراهية للجيش والشرطة والقضاء، والتشكيك فى الرموز السياسية والثقافية والعلمية، وتشويه صورة المسؤولين، واغتيال سمعة الشرفاء.
شغلانة الناشط، مهما تحاول أن تجملها أو تزينها، أو تضعها فى غلاف شيك أو إطار غالى الثمن، إلا أنها تحمل الروائح الكريهة والنتنة، التى تزكم الأنوف، وتصيب كل من يشمها بحالة من القرف والاشمئزاز، بجانب أنها منزوعة القيم الوطنية والأخلاقية، وعمادها الخيانة والتآمر، وتنفيذ المخططات الرامية لهدم البلاد.
الناشط الذى لا عمل له، ولا مصدر دخل له، من أين له بكل تلك الأموال التى ينفقها ببذخ شديد، ومن أين له بالشقق الفاخرة فى الشيخ زايد والتجمع الخامس والشروق، ومن أين له بالسيارات الفارهة، والملابس المستوردة، إن لم يكن وبالأدلة والوثائق تلقى تمويلات من الداخل والخارج لتنفيذ مخططات هدفها إسقاط الوطن، تحت شعار شيك «إلقاء محاضرات عن الحراك الثورى لثورات الربيع العربى وفى القلب منها مصر»؟
الحقيقة، أعيتنى الحيل، وأرهقنى البحث عن وظائف، أو أى شغلانة للنشطاء، فلم أجد سوى تلقى الأموال من جهات تضمر كل الشر لمصر، ولا يوجد تعريف آخر، مهما حاول كل مرضى التثور اللاإرادى، واتحاد ملاك الثورة أن يجملوها، أو يضفوا عليها الشرعية!
ولك الله يا مصر.